الهجرة إلى الإسلام حول العالم الفكري للكاتب جودت سعيد
الهجرة إلى الإسلام حول العالم الفكري لجودت سعيد
مؤلف: | إبراهيم محمود |
قسم: | هجرة الحيونات |
اللغة: | العربية |
الناشر: | دار الفكر المعاصر |
الترقيم الدولي: | 1575472031 |
تاريخ الإصدار: | 01 يناير 1995 |
الصفحات: | 352 |
لا يعدّ الحوار حواراً، أو النقد نقداً، أو المناقشة مناقشة، من قبل أي كان، إن لم يقم، ويتم ذلك، على أساس الاعتراف المتبادل، فكل إنسان يختزن في ذاته صدىً لإنسانية معينة، وكل إنسان، يشكل حلقة من الحلقات اللامتناهية، حتى الآن، التي تكوّن الإنسانية. هذا يعني أن الحوار، هو في حقيقته ليس سوى اكتمال المرء بسواه، وأن المناقشة (الحقّة)، ليست سوى رؤية المرء لما يمتلكه، أو لم يجده، أو يتضمنه في نفسه، في (الآخر) الذي يتكامل معه وبه، ويتكاملان معاً.
وقد اعتادت غالبية الأقلام التي تنتمي إلى عالم النقد، أن تضع المنقود في خانات، لكل خانة قيمة معينة، ثم تعلي من قيمة خانة دون أخرى، بدعوى التفاوت الأعظمي فيما بينها، وأن الحقيقة في (كمالها). هي من جنس هذه الخانة أو تلك. أما ذاك الذي يدعو إلى اعتبار الخانات، دخيلة على الفكر، إذ ليس هناك فكر (فاني)، إنما هناك حقيقة ما، يطرحها فكر ما، ويدعو إليها، كما يدعو إلى التفاعل معها، في تخاطبه، مع غيره من أشكال الفكر الأخرى، فأقل ما يقال فيه، هو أنه لا يستحق أن يستمع له. فهل الفكر لعقلي عرف خارج تسميته، وهل الإنسان الفعلي عرف ويعرف خارج الأوصاف والتوصيفات الوضعية التي حدّد ويحدّد بها؟
ولعل جودت سعيد، قد أثقلت عليه الحياة بأعبائها، والأفكار بأنوائها، ولكنه لا يزال يتعلم، ويربي أفكاره، ويراقب كيفية نموها، وتجارب الآخرين معها، لعله نموذج إنساني متميز، يستحق أن يقرأ في أفكاره وبأفكاره، انطلاقاً من الخاصية المعرفية التي منحها لنفسه؛ أن يكون متوحداً مع ذاته، متفاعلاً مع أفكاره، في تجليها الإنساني الكوني، فارضاً على نفسه حالة جهادية تميز بها، هي أن يكون الإنسان المعرّف بالانفتاح على الآخرين، النابذ للعنف، الداعية إلى الحق يرضي الجميع، انطلاقاً من موقف إسلامي يندر وجوده عند الآخرين؛ في بساطة أفكاره، وسلاسة معانيها، وجدية أطاريحه.. أن يعرف أحدهم على صعيد الاجتهاد الفكري إلى الاختلاف المنفرد، والتشابه المتجدد والمتعدد في مكوناته المجتمعية، وإنماء الذات، وإضافة جديد عصري إلى ما قدمه الأجداد، والنظر إليهم، بوصفهم كائنات، كانوا مثلنا، لكنهم لم يخضعوا لمقولة ثابتة، ولم يرددوا عبارة دون تفكير في معناها، بل كتبوا بما يعبر عن واقعهم، وأن يرفض أحدهم ما يسمى (بالآبائية) وكل الوصايا الشخصية الاجتماعية المختلفة، فإن هذا يشكل مدخلاً لفكر أثير وأصيل، وأن يعلن أحدهم أنه معرض للخطأ ولا بد من تصحيح خطئه، ومعرض للقصور المعرفي في موضوع بدأه، ولا بد من تكملة ما قام به، ويؤكد على ذلك، فإن هذا يثير الذهن حقاً.
إنها صفات تنطبق على جودت سعيد، ومن هذا المنطلق حاول إبراهيم محمود التفاعل مع فكره، طارحاً عليه قبلاً أسئلة توضيحية، استفسارية ورأى فيها الكثير من الإيضاحات لما حاول القيام به من نقد، ليدخل من ثم في عالمه الفكري ناقداً ليكون ثمرة ذلك تكامل بين فكرين يجنيها القارئ من خلال ذلك الحوار وتلك الدراسات، وتلك التعقيبات التي أغنت ذلك الكتاب.