السيرة النبوية احداث وعبر

هديه المصطفى صلى الله عليه وسلم في الممازحة

رسول الله r هو القدوة الحسنة والأسوة الطيبة، وهديه r خير هدي، وفعله r خير فعل، وهنا يأتي السؤال كيف كان هديه r في الممازحة؟ 

هل كان يضاحك ويمازح؟

هل كان يداعب ويلاعب؟ أو يبتسم ويمازح؟ 

إن من أروع ما عُرف به النبي r توسطه في كل شيء, وإعطاؤه كل ذي حق حقه, وتناوله كل موقف بما يتناسب معه, انظر إليه r حين مات ولده إبراهيم بكى والحديث كما في الصحيح عن أنس قال: دخلنا مع رسول الله r على أبي سيف القين[1], وكان ظئرًا [2] لإبراهيم عليه السلام, فأخذ رسول الله r إبراهيم u فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله rتذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف t: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال r: إن العين تدمع, والقلب يحزن, ولا نقول إلا ما يرضى ربنا, وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” [3].

إنه r يبكي لأن الموقف يستحق البكاء، وقد ضحك أحد العارفين يومًا حين مات ولده فلما قيل له: أتضحك في هذه الحالة؟ قال: إن الله تعالى قضى بقضاء، فأحببت أن أرضى بقضائه. يقول الإمام ابن القيم معقبًا على هذه الحادثة: فأشكل هذا على جماعة من أهل العلم فقالوا: كيف يبكي رسول الله r يوم مات ابنه إبراهيم, وهو أرضى الخلق عن الله، ويبلغ الرضى بهذا العارف إلى أن يضحك؟

يقول ابن القيم: فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هدي نبينا r كان أكمل من هدي هذا العارف، فإنه أعطى العبودية حقها فاتسع قلبه للرضى عن الله ولرحمته الولد والرقة عليه, فحمد الله ورضي عنه في قضائه, وبكى رحمة ورأفة, فحملته الرأفة على البكاء وعبوديته لله ومحبته له على الرضى والحمد, وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الأمرين ولم يتسع باطنه لشهودهما، والقيام بهما فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرأفة[4].

إن هذا الموقف لا يستحق من الرسول r إلا البكاء, ولا يستدعي منه الضحك, لكنه r في الأمور التي يتناسب معها الضحك؛ كان يضحك حتى يعرف ذلك في وجهه وفعله.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فالضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال, وإذا قُدّر حيان أحدهما يضحك مما يُضْحَكُ منه, والآخر لا يضحك قط؛ كان الأول أكمل من الثاني, ولهذا قال النبي r: “ينظر إليكم الرب قنطين فيظل يضحك, يعلم أن فرجكم قريب فقال له أبو رزين العقيلى: يا رسول الله أو يضحك الرب؟ قال: نعم, قال: لن نعدم من رب يضحك خيرًا”[5], فجعل الأعرابي العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلا على إحسانه وإنعامه، فدل على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال, والشخص العبوس الذي لا يضحك قط هو مذموم بذلك وقد قيل في اليوم الشديد العذاب ]يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا[ الإنسان: 10.

وقد روي أن الملائكة قالت لآدم: “حياك الله وبياك”, أي أضحكك, والإنسان حيوان ناطق ضاحك, وما يميز الإنسان عن البهيمة صفة كمال، فكما أن النطق صفة كمال، فكذلك الضحك صفة كمال, فمن يتكلم أكمل ممن لا يتكلم، ومن يضحك أكمل ممن لا يضحك[6].

ولله در الشاعر حين قال:

ضحكت لك الأيام يا علم الهـدى                          و استبشرت بقدومك الأعوام

وتوقف التاريخ عندك مذعنــًا                           تملي عليه وصحبك الأقـلام

اضحك لأنك جئت بشـرى للورى                         في راحتيك السلم والإسـلام

اضحك فبعثتك الصعود وفجرهـا                          ميلاد جيل ما عليه ظــلام

إن الفطر السويّة والعقول السليمة تتفق أن على الإنسان أن يروح عن نفسه وأن يجعل للترويح ساعة, كما أن للعبادة ساعة, وهذا ما ظهر جليًا في حديث حنظلة t حين قال له رسول الله r: والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عندي في الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم؛ ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات”[7].

ولم يكن هذا مقصود النبي r وإنما كان المقصود: هو الترويح عن النفس وعدم إجبارها على العبادة مطلقا.

وما أروع ما قاله ابن عُيينة حين قيل له المزاح سبة فقال: بل سنة؛ ولكن من يحسنه؟!

يقول صاحب كتاب فيض القدير: وإنما كان r يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به، والاقتداء بهديه، فلو ترك اللطافة والبشاشة، ولزم العبوس والقطوب، لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء، فمزح ليمزحوا، ولا يناقض ذلك خبر “ما أنا من دد[8] ولا الدد مني” [9]؛ فإن الدد: اللهو والباطل، وهو كان إذا مزح لا يقول إلا حقًا؛ فمن زعم تناقض الحديثين من الفرق الزائغة فقد افترى.

وقال الماوردي: العاقل يتوخى بمزاحه أحد حالين لا ثالث لهما:

أحدهما: إيناس المصاحبين، والتودد إلى المخالطين، وهذا يكون بما أنس من جميل القول، وبسط من مستحسن الفعل، كما قال حكيم لابنه: يا بني اقتصد في مزاحك فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرئ السفهاء، والتقصير فيه نقص بالمؤانسين، وتوحش بالمخالطين.

والثاني: أن ينبغي من المزاح لما طرأ عليه، وحدث به من هم، وقد قيل: لا بد للمصدور أن ينفث، ومزاح النبي r لا يخرج عن ذلك، وأتى رجل عليًا كرم الله وجهه فقال: احتلمت بأبي، قال: أقيموه في الشمس، واضربوا ظله الحد.

أما مزاح يفضي إلى خلاعة، أو يفضي إلى سُبّة فهُجنة ومَذَمة. [10]

إن ما نُقل عن النبي r في مزاحه مع أصحابه دون الخروج عن الآداب أو الأخلاق: أمر غير قليل، وقد كان هذا الصنيع يلفت أنظار أصحابه فيقولون: يا رسول الله إنك تداعبنا فيقول: إني لا أقول إلا حقا”[11].

المصطفىr يمازح الرجال

لقد كان r يربى بالضحكة, ويهذب بالابتسامة, ويُقوّم بالمزحة, ويدعو بالطرفة, فلضحكاته منافع, ولابتساماته مقاصد, ومن ممازحته عِبر, ولطُرَفه حِكَم وعظات.

المصطفى r يمازح عليا

فهذا علي t حين دب خلاف بينه وبين فاطمة -رضي الله عنهما- يصالحه النبي r بالمزاح، يحكي لنا سهل بن سعد قال: جاء رسول الله r بيت فاطمة فلم يجد عليًا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج فلم يقل (وقت القيلولة) عندي، فقال رسول الله r لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله r وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب, فجعل رسول الله r يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب”[12]. فكان أبو تراب أحب الألفاظ إلى علي t.

المصطفى r يمازح أسيد

وهذا أسيد بن حضير يمازحه رسول الله r وهو يُحدِّث القوم ويضحكهم فيطعنه رسول الله r بأصبعه في خاصرته، فقال: أوجعتني، فقال: أصبرني[13]. قال: اصطبر، قال: إن عليك قميصًا وليس علي قميص. فرفع النبي r عن قميصه فاحتضنه وجعل يقبل كشحه[14]. قال: إنما أردت هذا يا رسول الله”[15].

المصطفىr يمازح صهيب الرومي

وعن عبد الحميد بن صيفي من ولد صهيب عن أبيه عن جده صهيب قال: قدمت على رسول الله r بالهجرة وهو يأكل تمرًا فأقبلت آكل من التمر وبعيني رمد فقال: أتأكل التمر وبك رمد؟ فقلت: إنما آكل على شقي الصحيح ليس به رمد قال: فضحك رسول الله r “. [16]

المصطفى r يمازح عوف بن مالك

ولما علم عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله rلا يأنف من المزاح، ولا يغضب منه، بدأ رسول الله بالمزاح. يقول عوف: أتيت رسول الله r في غزوة تبوك وهو في قُبة من أُدمٍ، فسلمت فردّ وقال: “ادخل”. فقلت: أكلِّي يا رسول اللّه؟ قال: “كلك” فدخلت.[17]

وإنما مزح عوف بن مالك بقوله: أكلِّي يا رسول اللّه؟ لأن القبة كانت صغيرة.

المصطفىr يمازح أبا الورد: 

ولما رأى النبي رجلا ذا بشرة حمراء مازحه قائلا: أنت أبو الورد، يقول أبو الورد قال: رآني رسول الله r، فرآني رجلا أحمر، فقال: “أنت أبو الورد”.[18]

المصطفىr يمازح سفينة

وهذا سفينة مولى رسول الله يمازحه النبي ويكنيه بسفينة، فتكون أحب إليه من اسمه، ولما سأله سعيد بن جمهان: ما اسمك؟ قال: ما أنا بمخبرك سماني رسول الله r سفينة قال سعيد بن جمهان: ولِمَ سماك سفينة؟ قال: خرج رسول الله r ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم فقال لي: ابسط كساءك. فبسطته، فجعلوا فيه متاعهم ثم حملوه عليَّ، فقال لي رسول الله r: احمل فإنما أنت سفينة فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل عليّ إلا أن يجفوا.[19]

المصطفىr يمازح الأعراب

وكما يداعب أهل الحضر ويمازحهم؛ داعب أهل البادية ومازحهم.

المصطفىr يمازح زاهرًا

ومنهم رجل اسمه زاهر, يقول أنس t: إن رجلا من أهل البادية يقال له زاهر بن حرام؛ كان يهدي إلى النبي r الهدية فيجهزه رسول الله rإن أراد أن يخرج، فقال رسول الله r: إن زاهرًا باديتنا ونحن حاضروه، قال: فأتاه النبي r وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه والرجل لا يبصره، فقال أرسلني، من هذا؟ فالتفت إليه فلما عرف أنه النبي r جعل يلزق ظهره بصدره، فقال رسول الله r: من يشتري هذا العبد؟ فقال زاهر: تجدني يا رسول الله كاسدًا، قال: لكنك عند الله لست بكاسد، أو قال r بل أنت عند الله غالٍ”[20].

المصطفىr يمازح طالب الناقة

ويأتيه أعرابي يطلب منه ناقة كما يحكي أنسt: أن رجلا استحمل[21] رسول الله r فقال: إني حاملك على ولد الناقة، قال: يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله r: وهل تلد الإبل إلا النوق؟ “[22].

المصطفىr يمازح النساء

وكما رأيناه r يمازح الرجال رأيناه يمازح النساء، وهذا من باب اهتمامه بهن، ورفقه بهن r.

المصطفىr يمازح عائشة

انظر إليه r وهو يلاطف عائشة -رضي الله عنها- ويمازحها، وهو يسابقها مرتين فتسبقه في الأولى ويسبقها في الثانية، فيقول لها: هذه بتلك والحديث عن عائشة قالت: خرجت مع النبي r في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم, فقال للناس: تقدموا, فتقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت؛ خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: هذه بتلك”[23].

وانظر إليه وهو يمكنها لتنظر إلى أهل الحبشة يلعبون بحرابهم, فعن عائشة رضي الله عنها قالت: والله لقد رأيت رسول الله r يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله r يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين كتفه اليسرى وعينيه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو “[24].

وانظر إليه r وهو يسمع من السيدة عائشة رضي الله عنها حديث أم زرع الطويل والحديث كما جاء عند البخاري: 

عن عائشة رضي الله عنها قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن[25] وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا، قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث[26] على رأس جبل[27]، لا سهل[28] فيرتقى[29]، ولا سمين فينتقل[30], قالت الثانية: زوجي لا أبث[31] خبره، إني أخاف أن لا أذره[32]، إن أذكره، أذكر عجره[33], وبجره[34], قالت الثالثة: زوجي العشنق[35] إن أنطق أطلق[36] وإن أسكت أعلق، قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة[37]، لا حر, ولا قر، ولا مخافة، ولا سآمة، قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد[38]، وإن خرج أسد[39]، ولا يسأل عما عهد[40]، قالت السادسة: زوجي إن أكل لف[41]، وإن شرب اشتف[42]، وإن اضطجع التف[43]، ولا يولج الكف ليعلم البث[44]، قالت السابعة: زوجي غياياء، أو عياباء[45]، طباقاء كل داء له داء[46], شجك[47]، أو فلك[48]، أو جمع كلا لك[49]، قالت الثامنة: زوجي المس مس[50] أرنب, والريح ريح زرنب[51]، قالت التاسـعة: زوجي رفيع العماد[52]، طويل النجاد[53]، عظيم الرمــاد[54]، قريب البيـــت من الناد[55]، قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك؟ مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك[56]، قليلات المسارح[57]، وإذا سمعن صوت المزهر[58]، أيقن أنهن هوالك[59]، قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع[60] فما أبو زرع؟ أناس[61] من حلي أذني[62]، وملأ من شحم عضدي[63]، وبجحني فبجحت[64] إلى نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق[65]، فجعلني في أهل صهيل[66]، وأطيط[67]، ودائس[68]، ومنق[69]، فعنده أقول فلا أقبح[70]، أرقد فأتصبح[71]، وأشرب فأتقمح[72], أم أبي زرع، فما أم أبي زرع؟ عكومها[73] رداح، وبيتها فساح[74]، ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسل[75] شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة[76]، بنت أبي زرع،

فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها، وطوع أمها[77]، وملء كسائها[78]، وغيظ جارتها[79]، جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا[80]، ولا تنقث ميراتنا تنقيثا[81]، ولا تملأ بيتنا تقشيشا[82], قالت: خــرج أبو زرع والأوطاب[83] تمخض[84]، فلقى[85] امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين[86]، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا[87]، ركب شريا[88] وأخذ خطيا[89]، وأراح[90] علي نعما ثريا[91]، وأعطاني من كل رائحةٍ زوجا[92]، وقال: كلي أم زرع وميري[93] أهلك، قالت: فلو جمعت كل شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية[94] أبي زرع, قالت عائشة، قال رسول r: كنت لك كأبي زرع لأم زرع ” متفق عليه. وفي رواية بزيادة: إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك. وفي رواية النسائي: قالت عائشة يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع”[95].

المصطفىr يمازح عجوزا

ومن مداعبته r مع النساء, ما حكت عائشة رضي الله عنها أن نبي الله r أتته عجوز من الأنصار، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال نبي الله r: إن الجنة لا يدخلها عجوز، فذهب نبي الله r فصلى ثم رجع إلى عائشة فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة. فقال نبي الله r: إن ذلك كذلك؛ إن الله إذا أدخلهن الجنة حوّلهن أبكارًا”[96].

المصطفىr يمازح من تدعوه

وتأتيه أخرى فتقول: “يا رسول الله إن زوجي يدعوك, فيقول: ومن هو؟ أهو الذي بعينه بياض؟ قالت: والله ما بعينه بياض.‍ فقال r: بلى إن بعينه بياضًا فقالت: لا والله، فقال ما من أحد إلا بعينه بياض”[97].

المصطفىr يمازح الأطفال

وما كانت مداعبته r ولا مزاحه للكبار دون الصغار, إنما هو للصغير كما هو للكبير، وللنساء كما هو للرجال.

المصطفى r يمازح أنس بن مالك وأخاه أبا عمير

يقول أنس t: إن كان رسول الله r ليخالطنا حتى إن كان ليقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النغير”[98].

ويداعب أنسًا t ويقول له: “يا ذا الأذنين”[99].

ويرسل النبي r أنسًا t يومًا؛ ولنترك أنسًا t يقص علينا الخبر: يقول أنس t: كان رسول الله r من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب, وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله r، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ؛ فإذا رسول الله r قد قبض بقفاي من ورائي. قال: فنظرت إليه وهو يضحك. فقال: يا أنيس ذهبت حيث أمرتك, قال: قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله r” [100].

المصطفى r يمازح الحسن والحسين

ويُخرج لسانه للحسن والحسين صغارًا مداعبًا إياهما رضي الله عنهما.

ويطأ ظهره لولديه الحسن والحسين ليركبا، ويدخل عليه أحد أصحابه فيقول: “نعم المركب ركبتما، فيقول: ونعم الفارسان هما”[101].

وفي رواية: أنه r كان يرفع الحسن بن علي برجليه فيقول له: “حُزُقَّة تَرَقَّ عين بَقَّة[102]”[103].

وفي رواية عند الطبراني: عن أبي هريرة قال: سمعت أذناي هاتان، وأبصرت عيناي هاتان رسول الله r وهو آخذ بكفيه جميعا، حسنا أو حسينا، وقدماه على قدمي رسول الله r، وهو يقول: حُزُقَّة حُزُقَّة ارَقَّ عين بَقَّة، فيرقى الغلام حتى يضع قدمه على صدر رسول الله r ثم: قال له: افتح فاك، قال: ثم قبله، ثم قال: اللهم أحبه، فإني أحبه.[104]

وتأمل حاله r وهو يرى الحسن يصارع الحسين، فيجلس ويشاهد ويشجع، عن جابر عن أبي جعفر قال: اصطرع الحسن والحسين، فقال رسول الله r: هو حسين. فقالت فاطمة: كأنه أحب إليك؟ قال: لا ولكن جبريل يقول هو حسين”.[105]

وفي رواية عند أبي يعلى عن أبي هريرة عن النبي r قال كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدي رسول الله r، فكان رسول الله r يقول: هي حسن. فقالت فاطمة: يا رسول الله لم تقول هي حسن؟ فقال: إن جبريل عليه السلام يقول: هي حسين”.[106]

وفي رواية أخرى: “اصطرع الحسن والحسين رضي الله عنهما عند رسول الله r، فجعل رسول الله r يقول: هي حسن. فقالت له فاطمة رضي الله عنها: يا رسول الله، كأنه –يعني الحسن- أحب إليك من الحسين، قال r: إن جبريل –عليه الصلاة والسلام- يعين الحسين، وأنا أحب أن أعين الحسن رضي الله عنهما”.[107]

المصطفىr يمازح أم خالد

وها هو r يطلب بنفسه فتاة من فتيات المدينة فيضاحكها ويمازحها، يروي البخاري بسنده قال: أتي النبي r بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال: “من ترون أن نكسو هذه. فسكت القوم، فقال: (ائتوني بأم خالد) فأتي بها تحمل، فأخذ الخميصة بيده فألبسها، وقال: (أبلي وأخلقي). وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال: يا أم خالد، هذا سناه”. وسناه بالحبشية حسن.[108]

وفي رواية أخرى تقول أم خالد: أتيت رسول الله r مع أبي وعليّ قميص أصفر، قال رسول الله r: (سنه سنه). قال عبد الله: وهي بالحبشية حسنة، قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي، قال رسول الله r: (دعها). ثم قال رسول الله r: أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي. قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر[109](أي عمرت).

المصطفىr يمازح زينب بنت أم سلمة

وكان r يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول لها: يا زوينب! يا زوينب! مرارا.[110]

المصطفىr يمازح أولاد العباس: 

وهذا عبد الله بن الحارث يقص علينا مشهدا عجيبا فيقول: كان رسول الله r يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرًا بني العباس ثم يقول: “من سبق إليّ فله كذا وكذا” قال: فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم.[111]

المصطفى r يمازح يتيمة عند أم سلمة

وها هو r يمازح يتيمة كانت عند أم سلمة، لكنها لا تفهم مقصوده r فتحزن، يقول أنس: كانت عند أم سليم يتيمة، فرأى رسول الله rاليتيمة، فقال: أنت هيه لقد كبرت لا كبر سنك, فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم: ما لك يا بنية؟ قالت الجارية: دعا علي نبي الله r أن لا يكبر سني، فالآن لا يكبر سني أبدا. أو قالت: قرني, فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله r فقال لها رسول الله r: ما لك يا أم سليم؟ فقالت: يا نبي الله أدعوت على يتيمتي؟ قال: وما ذاك يا أم سليم؟ قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها. قال: فضحك رسول الله r ثم قال: يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي؛ إني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر, أرضى كما يرضى البشر, وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل؛ أن تجعلها له طهورًا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة.[112]

المصطفىr يمازح زيد بن ثابت

وانظر إليه r وهو يداعب زيد بن ثابت حين نام عن سلاحه، فأخذ يقول له: “يا أبا رقد”. عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: قال زيد بن ثابت: كانت وقعة بعاث، وأنا ابن ست سنين، وكانت قبل هجرة رسول الله r بخمس سنين. فقدم رسول الله rالمدينة، وأنا ابن إحدى عشرة سنة، وأتي بي إلى رسول r فقالوا: غلام من الخزرج، قد قرأ ست عشرة سورة. فلم أجز في بدر، ولا أحد، وأجزت في الخندق. قال ابن عمر: وكان زيد بن ثابت يكتب الكتابين جميعا: كتاب العربية، وكتاب العبرانية، وأول مشهد شهده زيد بن ثابت مع رسول الله r الخندق، وهو ابن خمسة عشر سنة، وكان فيمن ينقل التراب يومئذ مع المسلمين. فقال رسول الله r:(أما إنه نعم الغلام). وغلبته عيناه يومئذ فرقد، فجاء عمارة بن حزم، فأخذ سلاحه وهو لا يشعر. فقال رسول الله r: (يا أبا رقاد، نمت حتى ذهب سلاحك). ثم قال رسول الله r: (من له علم بسلاح هذا الغلام؟). قال عمارة بن حزم: أنا يا رسول الله، أخذته. فرده، فنهى رسول الله rأن يروع المؤمن، وأن يؤخذ متاعه لاعبا وجدا.[113]

إن العبادة الدائمة أو الذكر المتواصل، أمل تهفو إليه النفوس الكبار، وتحوم حوله همم العظام، بيد أن النفس البشرية جبلت على الملل إن استمرت على أمر ثابت أو عمل متواصل، حتى ولو كان عبادة الله عز وجل، وفي الحديث: “خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى[114] تملوا”[115].

والمتأمل للأحاديث السابقة والمواقف المتقدمة؛ يدرك هدي النبي r في المداعبة والمزاح والترويح عن النفس حتى لا تمل، وقد بينها النبي r صراحة للصديق t؛ حين دخل الصديق يوم العيد فوجد جاريتين تغنيان في بيت النبي r فانتهرهما. فقال r: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام العيد”. [116] وفي رواية “حتى يعلم يهود أن في ديننا فسحة”[117].

والذي يظهر من هذا كله: أن المزاح ليس محرمًا شرعًا, ولا ممنوعًا عرفًا, وكذلك الضحك؛ إنما الممنوع الإكثار, الذي تضيع معه الحقوق, ويُخرج به من الصدق إلى الكذب، ولله در أنس حين وصف النبي r فقال: “كان رسول الله من أفكه الناس”[118]. ولذا قال r: “لا تكثر من الضحك” فقد منع من الإكثار، ولم يمنع أصل الضحك؛ بل هو في حديث أبي ذر المتقدم قال: “لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا”؛ فهو r لم يمنع الضحك، إنما دعا إلى التقليل منه.

مع المصطفى الضحوك r

لم يكن رسول الله r خارجًا عن الفطر السوية في فعل من أفعاله، أو قول من أقواله، ولقد صدق الأعرابي حين سئل عن سبب إيمانه بمحمد r فقال: ما أمر بشيء واستقبحه العقل. ولا نهى عن شيء واستحسنه العقل.

إن العقول السليمة، والفطر السوية، والطبائع المعتدلة، والغرائز البشرية، لا تعارض الدين ولا يعارضها الدين.

ولقد عدد الإمام ابن القيم رحمه الله أسماء الرسول r وذكر منها: “الضحوك القتال” ثم قال: وأما الضحوك القتال فاسمان مزدوجان، لا يفرد أحدهما عن الآخر فإنه ضحوك في وجوه المؤمنين، غير عابس ولا مقطب ولا غضوب، ولا فظ ؛ قتَّال لأعداء الله، لا تأخذه فيهم لومة لائم[119].

وقال أيضا: وأما صفته r في بعض الكتب المتقدمة بأنه “الضحوك القتال” فالمراد به أنه لا يمنعه ضحكه وحسن خلقه إذا كان حدا لله وحقا له، ولا يمنعه ذلك عن تبسمه في موضعه، فيعطي كل حال ما يليق بتلك الحال فترك الضحك بالكلية من الكبر والتجبر وسوء الخلق، وكثرته من الخفة والطيش؛ والاعتدال بين ذلك[120].

ولقد كان وصف النبي ووسمه بـ”الضحوك القتال” كما ذكر ابن القيم أدق تصوير للنبي r، والمتأمل لوصفه r الذي جمعه كتّاب السير والشمائل والصفات والأخلاق؛ بل والحديث والتفسير؛ يجد أنه r كان أميل إلى الضحك والتبسم؛ تماشيًا مع الفطرة التي فطر الله عليها البشر.

انظر إلى وصف جابر بن سمرة, عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة t: أكنت تجالس رسول الله r؟ قال: نعم كثيرا, كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم” [121].

وهذا جرير بن عبد الله يقول: “ما حجبني رسول الله r منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي”[122].

وقد روى ابن عساكر عن أنس قوله: “كان النبي r من أفكه الناس”[123].

وهذا كعب بن مالك يقول: “كان رسول الله r إذا سر استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر”[124].

وحين وصف هند بن أبي هالة رسول الله r قال في وصفه “وإذا ضحك غض طرفه، جُل ضحكه التبسم”[125].

ويحاول البعض أن يمنع الضحك بحجة هموم الدعوة، وهم الدين، بيد أن هذه حجة واهية، فلم يكن هناك، ولن يكون من هو أكثر اهتمامًا بالدعوة من رسول الله r وليس هناك من تعددت لديه الواجبات كما تعددت لدى رسول الله r، فلقد كان بأبي هو وأمي: إمامًا للناس، ومعلمًا للخلق، ومفقهًا للدين، وحاكمًا بين الناس، وقاضيًا بينهم، ومجيشًا للجيوش، وباعثًا للسرايا، كما كان أبًا رحيمًا، وزوجًا بارًا، وأخًا ودودًا، وصديقًا وفيًّا، ومع هذا كله فقد كان r ضحاكًا بسامًا، وتؤكد ذلك السيدة عائشة فتقول حين سألتها عمرة قالت: سألت عائشة كيف كان رسول الله r إذا خلا في البيت؟ قالت: “ألين الناس بساما ضحاكا”[126].

وفي رواية عند الترمذي في العلل: عن عائشة أنها سئلت كيف كان رسول الله r إذا خلا في بيته؟ فقالت: كان ألين الناس، وأكرم الناس، كان رجلا من رجالكم، إلا أنه كان ضحّاكًا بسّامًا”.

ويقول أبو أمامة: “كان رسول الله r من أضحك الناس، وأطيبهم نفسا”[127].

وقد يظهر التعارض بين الأحاديث فيزيله قول الإمام السيوطي: “كان من أضحك الناس” لا ينافيه خبر أنه كان “لا يضحك إلا تبسما” لأن التبسم كان أغلب أحواله, فمن أخبر به أخبر عن أكثر أحواله؛ ولم يعرج على ذلك لندوره، أو كل راوٍ روى بحسب ما شاهد، فالاختلاف باختلاف المواطن والأزمان، وقد يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه, وكان آخرًا لا يضحك إلا تبسما.[128]

وتقول عائشة رضي الله عنها: “ما رأيت النبي r مستجمعًا قط ضاحكًا حتى أرى منه لهواته؛ إنما كان يتبسم”[129].

ويؤكد ذلك عبد الله بن الحارث فيقول: “ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله r“[130].

وفي رواية عن عبيد الله بن المغيرة سمعت عبد الله بن الحارث يقول: “ما رأيت رسول الله r قط إلا متبسمًا”.

بل لقد كانت بعض المواقف تأخذ من رسول الله r كل المآخذ حتى يضحك ويستعلي به الضحك -ولكن ذلك على سبيل الندرة- فعن أبي أمامة قال: أن رسول الله r قال يوما لأصحابه: هل أصبح منكم اليوم صائمًا؟ فسكتوا فقال أبو بكر t: أنا يا رسول الله. ثم قال: هل عاد أحد منكم اليوم مريضا؟ فسكتوا، فقال أبو بكر t: أنا يا رسول الله، ثم قال: هل تصدق أحد منكم اليوم صدقة؟ فسكتوا، فقال أبو بكر t: أنا يا رسول الله؟ فضحك رسول الله r حتى استعلى به الضحك. ثم قال: والذي نفسي بيده ما جمعهن في يوم واحد إلا مؤمن وإلا دخل بهن الجنة”[131].

ولربما ضحك r من حدث عامًا كاملا فعن أم سلمة: أن أبا بكر خرج تاجرًا إلى بصرى ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكلاهما بدري، وكان سويبط على الزاد، فجاءه نعيمان فقال: أطعمني، فقال: لا حتى يأتي أبو بكر، وكان نعيمان رجلا مضحاكًا مزاحًا، فقال: لأغيظنك، فذهب إلى أناس جلبوا ظهرًا[132]، فقال: ابتاعوا[133] مني غلامًا عربيًا فارهًا وهو ذو لسان ولعله يقول: أنا حر، فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوني لا تفسدوا علي غلامي، فقالوا: بل نبتاعه منك بعشر قلائص[134]، فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال للقوم: دونكم هو هذا. فجاء القوم فقالوا: قد اشتريناك، قال سويبط هو كاذب أنا رجل حر. فقالوا: قد أخبرنا خبرك، وطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به، فجاء أبو بكر فأخبر. فذهب هو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه، فضحك منها النبي r وأصحابه حولا”[135].

بيد أن هذا لم يكن هو الحال الدائم أو الصفة الملازمة، وهذا ما يؤكده حديث جابر حيث قال: “كان لا ينبعث في الضحك”[136]. وكان لا ينبعث في الضحك أي لا يسترسل فيه.

ولله در صاحب كتاب “تأويل مختلف الحديث” حين قال: “فلو ترك رسول الله r طريق الطلاقة والهشاشة والدماثة إلى القطوب والعبوس والزماتة؛ أخذ الناس أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء، فمزح r ليمزحوا”, ووقف على أصحاب الدركلة [137] وهم يلعبون فقال: “خذوا يا بني أرفدة ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة”[138], يريد ما يكون في العرسات لإعلان النكاح, وفي المآدب لإظهار السرور.

 وقد درج الصالحون والخيار على أخلاق رسول الله r في التبسم والطلاقة والمزاح بالكلام المجانب للقدح والشتم والكذب ؛ فكان علي t يكثر الدعابة..

وكان ابن سيرين يضحك حتى يسيل لعابه.

وقال جرير في الفرزدق:

لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزا *** ولو رضيت رمح استه لاستقرت

وقال الفرزدق وتمثل به ابن سيرين:

نبئت أن فتـاة كنت أخطبها *** عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول

أسنانها مائة أو زدن واحدة *** وسائر الخلق منها بعد مبطـــول

وسأله رجل عن هشام بن حسان فقال: توفي البارحة أما شعرت؟ فجزع الرجل واسترجع فلما رأى جزعه قرأ ]اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا[ الزمر: 42.

وكان زيد بن ثابت من أزمت الناس إذا خرج وأفكههم في بيته.

وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي ببعض الباطل كراهة أن أحمل عليها من الحق ما يملها.

وكان شريح يمزح في مجلس الحكم.

وكان الشعبي من أفكه الناس.

وكان صهيب مزّاحًا.

وكان أبو العالية مزّاحًا.

وكل هؤلاء إذا مزح أحدهم لم يفحش ولم يشتم، ولم يغتب ولم يكذب، وإنما يذم من المزاح ما خالطته هذه الخلال أو بعضها، وأما الملاعب فلا بأس بها في المآدب. [139]

الكاتب arabic_user

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى