ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺮﻓﻌﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب الله
اﻣﺘﻦ اﷲ ﻋﻠﻲ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﻓﻲ رﻣﻀﺎن ١٤٤١ ﺗﺪارﺳﻨﺎ ﺳﻮﯾًﺎ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺮﻓﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن، وﻛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻔﺎﺟﺄة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻋﺪد اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم، ﺑﻞ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺳﻮرة ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم إﻣﺎ ﺑﺎﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ أو اﻟﺘﻀﻤﻦ أو اﻹﻟﺘﺰام، وﺳﺒﺐ اﺧﺘﯿﺎرﻧﺎ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع، ﻣﺎ ﻧﺮاه وﻧﻌﯿﺸﻪ ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﺰﯾﻤﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ، وﺳﺒﺒﻬﺎ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ رأﯾﻲ ﻫﻮ أن اﻟﻤﻔﺎﻫﯿﻢ ﻟﺪﯾﻨﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﺤﻤﻠﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻤﺲ واﻟﺘﺸﻮﯾﻪ ﺣﺘﻰ ﻧﻜﻮن ﺑﻼ ﻫﻮﯾﺔ وﻧﺼﺒﺢ أﺗﺒﺎع ﻧﺘﺒﻨﻰ ﻣﺎ ﯾُﻤﻠﻰ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﺪون ﺗﻔﻜﯿﺮ أو ﻧﺘﻔﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻤﯿﺎت ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻀﻤﻮن ﯾﻜﻮن ﻓﺎرغا او ﻣﺸﻮها او ﻣﺴﺘﻮردا.
ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻔﺎﻫﯿﻢ ﻫﻮ ﺑﻨﺎء ﻣﻨﻬﺞ ﻣﺘﻮازن ﻟﻨﺎ وﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ وﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﺣﻮﻟﻨﺎ. ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺮﻓﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﻫﯿﻢ اﻟﻤﻬﻤﺔ، ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﺤﯿﺎة، ﻓﻜﺮﯾًﺎ وﺗﻌﺒﺪﯾًﺎ وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت، وﯾﺠﻠﺐ اﻟﺘﻮازن اﻟﻨﻔﺴﻲ، وﯾﻀﻊ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻣﺤﻠﻬﺎ اﻟﺼﺤﯿﺢ، وﺑﺪوﻧﻬﺎ ﯾﺨﺘﻞ اﻟﻤﯿﺰان ﻓﻨﺮﻓﻊ اﻟﺘﺎﻓﻪ واﻟﻔﺎﺳﻖ وأﻫﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﻜﺮ وأﻫﻞ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﺤﻖ.
وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﻤﺪارﺳﺔ:
– أن ﻋﺪم اﻟﺘﺴﺎوي ﻣﻮﺿﻮع ﻓﻄﺮي وﻋﻘﻠﻲ وﺣﺴﻲ وﺷﺮﻋﻲ.
ﻓﻄﺮي: ﺗﻘﺮه اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺴﻮﯾﺔ إذ ﻻﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﺴﺎوي ﺑﯿﻦ اﻷﺷﯿﺎء ﻛﻌﺪم ﺗﺴﺎوي اﻷﻋﻤﻰ واﻟﺒﺼﯿﺮ، وﻻ اﻟﻈﻠﻤﺎت واﻟﻨﻮر، وﻻ اﻟﻈﻞ
واﻟﺤﺮور، وﻻ اﻟﻌﺬب اﻟﻔﺮات واﻟﻤﻠﺢ اﻷﺟﺎج وﻻ اﻷﺣﯿﺎء واﻷﻣﻮات وﻻ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﻤﻠﻮك واﻟﺴﯿﺪ اﻟﺤﺮ.
ﻋﻘﻠﻲ: ﯾﻘﺮه اﻟﻌﻘﻞ، إذ ﻻ ﺗﺴﺎوي ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺠﺎﻫﻞ وﻻ اﻟﺨﺒﯿﺚ واﻟﻄﯿﺐ.
ﺣﺴﻲ: ﻛﻌﺪم ﺗﺴﺎوي اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة وﻻ اﻟﺠﻤﯿﻞ واﻟﻘﺒﯿﺢ وﻻ اﻟﻐﻨﻲ واﻟﻔﻘﯿﺮ وﻻ اﻟﻘﻮي واﻟﻀﻌﯿﻒ.
ﺷﺮﻋﻲ: ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: } أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ { الزخرف : 32
وﻫﻨﺎ اﻻﺧﺘﺒﺎر، ﯾﺤﺴﺪ اﻟﻔﻘﯿﺮ اﻟﻐﻨﻲ وﯾﻀﺠﺮ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻓﻰ وﯾﺒﻄﺮ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺘﻠﻰ . قال تعالى : { وما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} اﻟﻔﺮﻗﺎن:20
وبينت لنا هذه المدارسة أيضا رﻓﻌﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺳﻢ اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻷﻋﻠﻰ، اﻟﺬي اﺳﺘﻮى وارﺗﻔﻊ ﺑﺬاﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ وﺑﻘﺪره وأوﺻﺎﻓﻪ وﻗﻬﺮه، وﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ { ﱢﻣﻦ ﱠِﷲ ِذي اْﻟﻤﻌﺎرج} أي ذو اﻟﻌﻠﻮ واﻟﺠﻼل واﻟﻌﻈﻤﺔ واﻟﺘﺪﺑﯿﺮ ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﺨﻠﻖ وﯾﺪﺧﻞ ﻓﯿﻬﺎ ﻣﺮاﺗﺐ إﻧﻌﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ وﺗﻔﺎﺿﻠﻬﻢ. قال تعالى : {رَفِيعُ ٱلدَّرَجَٰتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلَاقِ}
وﻣﻦ اﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎء أن ﺟﻌﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﻓﻮارق، ﯾﺨﻔﺾ وﯾﺮﻓﻊ، ﯾﻘﺒﺾ وﯾﺒﺴﻂ، ﯾُﻌﺰ وﯾﺬل، وﻛﻠﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻋﺪﻟﻪ وﺣﻜﻤﺘﻪ، وﻛﺬﻟﻚ
ﻓﻲ اﺳﻢ اﷲ اﻷول واﻟﺠﺒﺎر واﻟﻌﺰﯾﺰ واﻟﺼﻤﺪ واﻟﻌﻈﯿﻢ واﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﻤﺘﻜﺒﺮ واﻟﻤﻠﻚ واﻟﻤﻬﯿﻤﻦ واﻟﻈﺎﻫﺮ واﻟﻘﺪوس واﻟﻘﻬﺎر واﻟﻤﺠﯿﺪ وﻏﯿﺮﻫﺎ
ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ رﻓﻌﺔ اﷲ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼه ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﻀﻤﻦ واﻻﻟﺘﺰام.
وﻟﻬﺬه اﻟﺮﻓﻌﺔ آﺛﺎر ﻋﺪﯾﺪة: ﻓﻤﻦ آﺛﺎرﻫﺎ أﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ وﺣﺪه ﻟﻠﻌﺒﺎدة واﻟﺬل واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻟﺮﺟﺎء واﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ.
وﻣﻦ آﺛﺎرﻫﺎ ﺗﻔﺎوت اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ.
وﻣﻦ آﺛﺎر ﻫﺬه اﻟﺮﻓﻌﺔ اﻟﺮﺿﺎ واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻟﻘﻀﺎءاﺗﻪ اﻟﻘﺪرﯾﺔ واﻟﺸﺮﻋﯿﺔ.
وﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺮﻓﻌﺔ اﻟﺠﺰاء واﻟﻌﻘﺎب إذ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﷲ وﻋﺪﻟﻪ وﻻ ﻓﻲ ﻣﯿﺰان اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﯿﻢ أن ﯾﺘﺴﺎوى اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻔﺎﺳﻖ.
ﺛﻢ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪراﺳﺔ رﻓﻌﺔ أﺑﻮﻧﺎ آدم ﻋﻠﻰ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﻬﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ، ورﻓﻌﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ، ورﻓﻌﺔ اﻟﻌﺒﺎد ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺑﺈﺧﺘﺼﺎص ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮة واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ، و رﻓﻌﺔ اﻟﺮﺳﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﻓﺎﺧﺘﺎر ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻌﺮب، واﺧﺘﺼﻪ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ.
– رﻓﻌﺔ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ قال تعالى : } لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ{ آل عمران : 113، ﻓﻤﻨﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ﻋﻠﻰ دﯾﻦ اﷲ، اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻤﺎ أﻟﺰﻣﻬﻢ اﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮرات اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﺮﻓﻌﺔ.
– رﻓﻌﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻓﻲ ﺟﻨﺎت اﻟﻨﻌﯿﻢ ﺑﺘﺒﺎﯾﻦ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ.
اﻹﯾﻤﺎن اﻟﺨﺎﻟﺺ رﻓﻌﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻻﯾﻤﺎن واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ، قال تعالى : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } التوبة : 19
ﻓﻤﻦ ﻗﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﻤﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻟﺠﻬﺎد واﻟﻬﺠﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﻛﺴﻘﺎﯾﺔ اﻟﺤﺠﯿﺞ وﻋﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻞ ان اﷲ ﺳﻤﺎﻫﻢ اﻟﻈﺎﻟﻤﯿﻦ ﻟﻌﺪم إﯾﻤﺎﻧﻬﻢ وﺷﺮﻛﻬﻢ.
– رﻓﻌﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮ وﻫﻮ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺮﺋﯿﺲ، قال تعالى : {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ)} السجدة : 18
ﻓﻬﻢ ﻻﯾﺴﺘﻮون ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ وﻻ ﯾﺴﺘﻮون ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ وﻻ ﯾﺴﺘﻮون ﻓﻲ اﻧﺘﻔﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﻵﯾﺎت اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ وﻻ ﺑﻤﺎ أﻋﻄﺎﻫﻢ اﷲ ﻣﻦ أدوات اﻹﯾﻤﺎن ﻛﺎﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ واﻟﻔﺆاد، ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﺳﻤﻌﻪ وﺑﺼﺮه ﻟﻤلء ﻓﺆاده ﺑﺎﻟﺤﻖ اﻟﻮاﺿﺢ وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ اﻟﻔﺎﺳﻖ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻷدوات ﻟﻤلء ﻓﺆاده ﺑﻠﻬﻮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﻮرﺗﻲ اﻟﺴﺠﺪة وﻟﻘﻤﺎن، ﻓﻬﻮ (أﻓﱠﺎك َأِﺛﯿﻢ) ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ اﻗﺘﺮاف اﻵﺛﺎم واﻟﺨﻄﺎﯾﺎ، ﺛﻢ ﻫﻮ ﯾُﺨﺮج أﻣﺮاض ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ آﯾﺎت اﷲ، ﻓﻜﯿﻒ ﯾﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ (يصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ) ﺛﻢ ﯾﺘﺠﺎوز ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﯿﻠﻪ وﻧﻬﺎره إﻟﻰ ﺟﺮ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﻪ، ﻓﻬﻮ داﺋﻢ اﻻﺳﺘﻬﺰاء داﺋﻢ اﻟﺘﺤﺪي، ﻣﺠﺎدل (وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ) ، ﺷﺘﺎن ﺑﯿﻨﻪ وﺑﯿﻦ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪم أدوات اﻟﺘﻔﻜﺮ وآﯾﺎت اﷲ ﻟﻺﺣﺴﺎن ﻗﻮﻻ وﻋﻤﻼ، وﻣﻦ ﺳﺪت ﻋﻠﯿﻬﻢ أﺑﻮاب اﻟﻬﺪاﯾﺔ وﻓُﺘﺤﺖ ﻟﻬﻢ أﺑﻮاب اﻟﻐﻮاﯾﺔ.
– وﻫﻢ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ ﻓﻲ آﯾﺎت اﻟﻔﻮﻗﯿﺔ ﻗﺪرًا وﺷﺮﻋًﺎ، { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} يوسف : 76
اﻟﻤﺮﺗِﻔﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻢ اﻟﻤﺘﻘﯿﻦ، ارﺗﻔﻌﻮا ﺑﺴﺒﺐ اﻹﯾﻤﺎن وﺑﻤﺎ ﺻﺒﺮوا ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻦ اﻟﺪﻧﯿﺎ وزﯾﻨﺘﻬﺎ. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻢ ﻻ ﯾﺴﺘﻮون ﻓﻲ ﺟﺰاءاﺗﻬﻢ ، قال تعالى: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } اﻟﺠﺎﺛﯿﺔ: 21، ﻓﻠﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ اﻟﻤﻔﺮدة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﻘﺮآن (اﺟﺘﺮﺣﻮا) وأﺑﻌﺎدﻫﺎ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ وزن اﻓﺘﻌﻠﻮا ﻓﻬﻲ ﺻﯿﻐﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ، ﻓﻬﻢ اﺳﺘﻌﻤﻠﻮا ﻛﻞ اﻟﺠﻮارح ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﺴﯿﺌﺎت، وﻓﯿﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻬﯿﻤﻲ ﻛﺎﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت اﻟﺠﺎرﺣﺔ.
وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻧﺠﺪ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ، ﻣﻦ ﻫﺆﻻء وﻫﺆﻻء ﻣﻤﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ. ﻓﻤﻦ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺑﻌﺪ اﻟﻨﺠﻌﺔ، وأﺳﺎء اﻟﺤﻜﻢ وﻣﺎ ذاك إﻻ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﻘﺼﺪ أو ﻓﺴﺎد اﻟﻌﻘﻞ أو ﻓﺴﺎد اﻟﺘﺼﻮر أو ﯾﺠﺘﻤﻌﻮن.
وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﻻ ﻧﻐﺘﺮ ﺑﺮﻓﻌﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ، إذ أﻧﻬﻢ ﻻ ﯾﺴﺘﻮون ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﺼﻼح ﻓﻄﺮة وﻋﻘﻼ وﺣﺴًﺎ وﺷﺮﻋًﺎ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ.
الكاتب زينب أبوبكر المصلح